إذا كان البارون الفرنسي (دي كوبرتان) يعتبر باعث الألعاب الأولمبية ومؤسس نهضتها الحديثة فإن صاحب السمو الملكي الأمير/عبدالله الفيصل يعتبر مؤسس الرياضة السعودية ورائدها الأول الذي أرسى قواعدها وحمل المشعل الذي أضاء طريق تطورها وتقدمها حتى وصلت إلى ماوصلت إليه الآن من نهضة شاملة في مختلف الألعاب وعلى جميع المستويات..
لقد ولد سمو الأمير عبدالله الفيصل في مدينة الرياض يوم 5 / 11 / 1341 هـ وكان مولده حدثاً سعيداً في تاريخ الشعر والرياضة في المملكة العربية السعودية. كيف لا وهو الذي جعل للشعر العربي الأصيل تذوقاً رفيعاً ، وموسيقى خاصة تتراقص على أنغامها أوتار الحب الفياض والعواطف الجياشة. كيف لا وهو الذي تبنى الرياضة السعودية في مهدها وشملها برعايته خلال مشوارها وتطورها .
نعم لقد كان لسمو الأمير عبدالله الفيصل شرف بناء النهضة الأدبية والحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية . فهو الذي حمل لواء الشعر والأدب ، وهو الذي رفع بيارق الشباب والرياضة .
ولهذا وجب أن يكون ( سمو الأمير عبدالله الفيصل ) رمزاً للتاريخ الرياضي ، وعلماً من أعلام الشعر والأدب العربي.. وهذه حقيقة وأمانة تاريخية يجب أن نسجلها بحروف من ذهب ، وعلى الأجيال أن تحفظها في سجل الرجال المخلصين
إن تاريخ الحركة الرياضية في المملكة العربية السعودية بصفة عامة .. وتاريخ النادي الأهلي بصفة خاصة يضئ باسم الأمير عبدالله الفيصل ، ويتجلى في جهوده المخلصة ، فهو الذي أنشأ في عام 1372 هـ قسماً خاصاً للإشراف على الفرق الرياضية في المملكة وضمه إلى وزارة الداخلية التي كان وزيراً لها ، وقد أخذ هذا القسم على عاتقه مسئولية النهوض بالحركة الرياضية وتنظيم شئونها .. وهو الذي أمر بإعادة النادي الأهلي في عام 1381 هـ وشمله برعايته وإهتمامه حتى أصبح الأب الروحي لهذا النادي العملاق والصرح الشامخ.
{فسجل يـاتـاريخ .. وأشهد يـازمــن}
*المرحلة الأولى:
فتية تحابوا في الله ولله ، جمعتهم مدرسة الفلاح فتآخوا وتآلفوا وجمعتهم الجيرة بحكم سكنهم في حارة الشام بصورة عامة فتوثقت عرى الصداقة بينهم فأصبحوا كالأسرة الواحدة واحتضنتهم دار آل البترجي في حارة الشام .. فأصبحت ملتقى الأجيال وسمرهم ، وكثيراً ماسهروا في هذه الدار على أنغام الموسيقى وصوت أم كلثوم في حفلاتها الشهرية وكان على كل واحد من هؤلاء وبالتتالي أن يتكفل بتقديم طعام العشاء في كل أمسية من هذه الأمسيات .
في هذا الجو الأخوي الخالص النقي كنقاء سريرتهم نبتت فكرة تأسيس فريق رياضي وطني يضمهم ويخرجهم من إطار المدرسة الضيق إلى نطاق أرحب وأوسع فاعتنقوا الفكرة وكلفوا الأستاذ / حسن محمود شمس يرحمه الله بالعمل على إخراج هذه الفكرة إلى حيز الوجود ولم يكن هذا الإختيار عشوائياً ولكن لأنه كان يتمتع بصفات القيادة الفطرية ولأنه كان محبوباً بين أقرانه لدماثة أخلاقه واتزان فكره ولأنه كان لاعبا بارزاً في مدرسة الفلاح كما كان لاعباً مرموقاً في نادي الإتحاد فتولى المهمة وكان عند حسن ظن الجميع به وكان أهلا للمسئولية التي أنيطت به فأصبحت حقيقة ملموسة وأعلن مولد الأهلي عام 1357 هـ وسمي الفريق بالأهلي تيمناً بالنادي الأهلي بمصر الذائع الصيت آنذاك ومطابقاً لأحاسيسهم بمعاني روابط الأهل ، وتولى رئاسة النادي بعد تأسيسه مؤسسه حسن محمود شمس ، ومن تسلسل الأحداث والظروف التي أحاطت بمولد الأهلي كان من الطبيعي أن تتولى إدارته واللعب تحت رايته مجموعة من هؤلاء الفتية الذين تحابوا في الله ولله وربطت بينهم المحبة والمودة بروابط وثيقة وخاصة تلك التي كانت تربطهم بآل البترجي فشكلت الإدارة وأختير اللاعبون وكانت النواة الأولى نخبة ممتازة من أبناء مدينة جدة كما أختير الشعار الأزرق والأبيض للفريق وكانت الحصيلة كالآتي :
(الإداريــون)
الأستاذ / حسن محمود شمس - رئيسا
الأستاذ / عبدالرؤوف إبراهيم بترجي - نائبا للرئيس وأمينا للصندوق
الأستاذ / عبدالجليل إبراهيم بترجي - عضوا
الأستاذ / عمر محمود شمس - عضوا
الأستاذ / عمر باقيس - عضوا
الأستاذ / محمد عبدالله الصائغ - عضوا
الأستاذ / إبراهيم صالح بكر - عضوا
الأستاذ / إبراهيم نشار - عضوا
الأستاذ / إبراهيم بكر زهران - عضوا
الأستاذ / حسين طه صابر – عضوا
الأستاذ / علي حسن صابر - عضوا
الأستاذ / أمين تونسي - عضوا
الأستاذ / حسن إبراهيم بترجي - عضوا
اللاعبــون
الأستاذ / حسن محمود شمس
الأستاذ / عبدالقادر باديب
الأستاذ / عبدالرؤوف إبراهيم بترجي
الأستاذ / أحمد محمد راجح
الأستاذ / إبراهيم صالح بكر
الأستاذ / أحمد زقزوق
الأستاذ / إبراهيم بكر زهران
الأستاذ / علي جاسر
الأستاذ / حسين طه صابر
الأستاذ / بكر باناجه
الأستاذ / علي حسن صابر
الأستاذ / أحمد باناجه
الأستاذ / حسن جوهر
الأستاذ / عبدالرحمن صعيدي
الأستاذ / حسن خميس
الأستاذ / ناصر عبدالمطلوب
الأستاذ / محمد عبدالله الصائغ
الأستاذ / برهان الجاوى
الأستاذ / خالد سلامة
الأستاذ / أحمد كلالي
الأستاذ / محمد باديب
الأستاذ / زامل المهنا
وأقيم بهذه المناسبة حفل كبير في القصر الأخضر بحارة العمارية بجوار حراج السيارات القديم ملك الشيخ العماري ، ولا ننسى هنا كل من ساهم في تأسيس الأهلي وإن لم يرد اسمه في قائمتي الإدارة واللاعبين إلا أنه كانت له اليد الطولي في تأسيسه ومنهم :
الأستاذ / أمين الرويحي
الأستاذ / مصطفى صعيدي
الأستاذ / حسين هزازي
الأ الأستاذ / عمر ثابت
الأستاذ / حسن أبو الجدايل
الأستاذ / سبع الليل
الأستاذ / علي أبو بكر قاضي
ونعتذر إن كنا قد أخفقنا في ذكر أسماء أشخاص شاركوا في هذه المرحلة من حياة النادي الأهلي ليس نكرانا للجميل ولا جحودا بهم ولكن لأن الذاكرة قد تخون الإنسان في بعض الأحيان .
وحين تولى الأستاذ / حسن محمود شمس يرحمه الله رئاسة الفريق قطع صلته بفريق الإتحاد لأنه كان لاعبا فيه كما ذكرنا سابقا .. ولهذا التفرغ للأهلي وقطع صلته بالإتحاد قصة يحتم التاريخ أن نرويها كما رواها لنا أخوه عمر محمود شمس في مرحلة تأسيس الأهلي ، وكان الإتحاد يعتبر الأستاذ حسن شمس لاعبا فيه فتشاء الصدف أن يتفق الإتحاد على إقامة مبارة ضد أحد فرق جدة وكان ذلك في مرحلة تأسيس الأهلي وكان في يقينه أنه سيشارك فريق الإتحاد في هذه المباراة كلاعب أساسي فذهب إلى الملعب بنية المشاركة وهو بلباسه الكروي ولكن المسئولين عن فريق الإتحاد سلموه رسالة خطية وضعته أمام أحد خيارين ، إما أن يقطع صلته كليا بالأهلي ليشارك في هذه المباراة أو يحرم من المباراة إذا أصر على بقائه في الأهلي وكان الموقف صعبا وأليما بالنسبة له ومحرجا في ذات الوقت ، ولكنه إتخذ قراره دون تردد فآثر أن تكون صلته دائمة بالأهلي والتصاقه به مستمرا وكانت هذه الحادثة نهاية صلته بالإتحاد .
وبدأ فريق الأهلي مزاولة تمارينه على أرض فضاء خارج سور مدينة جدة وهي الأرض الواقعة الآن في البغدادية شمال مبنى وزارة الخارجية وخلف مباني رضا أمين وكانت تعرف بأرض الدباب ولقد اشتق هذا الإسم من دباب قديم متآكل رابض بهذه الساحة وتولى السيد / أمين تونسي مهمة التدريب والتحكيم .
وولد الأهلي قويا رغم قصر عمره ونافس بضراوة الفرق التي سبق مولدها مولده ، ونافس الإتحاد منافسة عنيدة وكان هذا التنافس الذي استمر حتى وقتنا هذا سببا رئيسيا في دفع عجلة التقدم الرياضي في جدة والإرتقاء بمستوى الرياضة بصورة عامة .
وقد يتساءل البعض كيف وأين كان مقر الأهلي عند تأسيسه بمدلوله العصري وأين كانت تعقد الإجتماعات ، والجواب لا مقر ، والإجتماعات كانت تعقد في ملتقى الأحباب دار آل البترجي بل زد على ذلك لم تكن هناك أنظمة معينة تخضع لها عملية تأسيس فريق لكرة القدم وهي اللعبة الوحيدة التي كان يمارسها شباب زمان ولم يكن هناك إتحاد للشئون الرياضية ينظم شئونها ، وتأسيس الفرق هذه كان يتم باجتهادات فردية ولهذا كانت تقام المباريات بين الفرق باتفاق من الطرفين المتباريين بحيث يتقدم أحدهما بخطاب إلى الفريق الآخر يتضمن طلبه إقامة المباراة فيوافق الطرف الآخر وتقام المباراة ثم يقوم الطرف الداعي بتقديم المياه الغازية أو ماكان يعرف حينئذ ( بالقازوز ) بين شوطي المباراة إلى الفريق الضيف إحتفاء به وتكريما له ولأن التقاليد العرفية لابن البلد الأصيل تحتم عليه رد هذا الجميل بمثله يقوم الطرف الذي قبل الدعوة إلى المباراة الأولى فيتقدم بطلبه في إقامة مباراة ثانية فتقام المباراة ويقوم الداعي هذه المرة بتقديم ( القازوز ) بين شوطي المباراة وكانت هذه العادة تسمى بـ(رد القازوز) وكان يباع القازوز في محل يملكه طه الجداوي الذي غلب عليه اسم( طه قازوز ) .
أما الموارد المالية لتغطية النفقات فكانت تعتمد على الاشتراكات التي كان يدفعها الإداريون واللاعبون وبعض المشرفين ، وقيمة الاشتراك كانت تتراوح بين خمسة وعشرة قروش وإذا أخذنا في الإعتبار بأن هذه الاشتراكات كانت المورد المالي الوحيد فإننا يمكن أن نتوصل بطريقة حسابية بسيطة وبإعتبار أن معدل الاشتراك للفرد الواحد هو (7,5) من القروش يمكن أن نتوصل إلى أن الميزانية السنوية للفريق كـانت تقـدر بمبلـغ وقـدره (121,5) ريال سعودي فقط وهو مايمكن إعتباره بأول ميزانية للنادي الأهلي وهو مبلغ كبير في وقته .
ولم يمض عامان على نشأة الأهلي حتى إضطر إلى التوقف مع بقية فرق جدة ومكة المكرمة عن ممارسة اللعب حين صدر أمر منع اللعب في عام 1359 هـ بسبب أحوال الحرب العالمية الثانية فاحتجب الفريق قرابة العشر سنوات ولكن كان يزاول تمارينه خلال هذه المدة في فترات متقطعة متباعدة 0.